جلالة السلطان يدعو الشباب إلى الانخراط في العمل المفيد وتحقيق الذات -
جلالته يوجه الحكومة إلى التركيز فـي خططها المستقبلية على التنمية الاجتماعية -
العمانية:-- تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه
الله ورعاه - فترأس أمس الانعقاد السنوي للفترة الخامسة لمجلس عمان لعام
2012م وذلك بالمبنى الجديد لمجلس عمان بمسقط.
كما شمل حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - برعايته
السامية الكريمة أمس افتتاح مبنى مجلس عمان الجديد الذي يقع في منطقة
البستان بمسقط والذي يتكون من ثلاثة مبان رئيسية هي مجلس عمان ومجلس الدولة
ومجلس الشورى بالإضافة الى المرافق الاخرى.
ولدى وصول جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - الى ساحة مبنى
مجلس عمان اعتلى جلالته المنصة الرئيسية وعزف السلام السلطاني وأطلقت
المدفعية 21 طلقة تحية لجلالته بعدها توجه سلطان البلاد المفدى الى مدخل
قاعة مجلس عمان حيث كان في استقبال جلالة السلطان المعظم كل من ...
صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس
الوزراء ومعالي السيد خالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني
ومعالي الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني ومعالي
الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة وسعادة خالد بن هلال
المعولي رئيس مجلس الشورى ومعالي نصر بن حمود الكندي أمين عام شؤون البلاط
السلطاني ومعالي المهندس محسن بن علي الشيخ مستشار بديوان البلاط السلطاني
وسعادة المهندس حمود بن محمد المحروقي رئيس المنشآت السلطانية والمهندس
خالد بن محمد البلوشي نائب رئيس المنشآت السلطانية / مدير مشروع مبنى مجلس
عمان.
عقب ذلك تفضل جلالة عاهل البلاد المفدى - حفظه الله ورعاه - فقام بقص
الشريط وازاحة الستار عن اللوحة التذكارية لمبنى مجلس عمان الجديد ايذانا
بافتتاحه رسميا .. ثم تليت بعد ذلك آيات من الذكر الحكيم .
وقد ألقى حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - كلمة سامية خلال ترؤسه الانعقاد السنوي لمجلس عمان فيما يلي نصها..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا إليه صراطا مستقيما والصلاة والسلام على من دعا
إلى الشورى منهاجا قويما وعلى آله وصحبه الأخيار ما تعاقب الليل والنهار .
أعضاء مجلس عمان الكرام ..
أيها المواطنون ..
إنه من نعم المولى عز وجل وآلائه الكريمة أن نلتقي بكم في هذه المناسبة
لنشكره سبحانه على ما من به علينا من فضله ولنرفع اليه أكف الضراعة مبتهلين
أن يزيد عمان وأهلها من خيره العميم وأن يوفق أبناءها وبناتها الى ما فيه
صلاحهم وعلو شأنهم . فاشكروا الله على آلائه واحمدوه على نعمائه يزدكم من
جوده واحسانه. ويسبغ عليكم من خيراته وبركاته ويحفظكم بعين رعايته وعنايته .
أعضاء مجلس عمان الكرام ..
أيها المواطنون..
إن تجربة الشورى في عمان كما أكدنا دائما تجربة ناجحة والحمد لله جاءت
متسقة مع مراحل النهضة متفقة مع قيم المجتمع ومبادئه متطلعة الى بناء
الانسان الواعي لحقوقه وواجباته المعبر عن آرائه وأفكاره بالكلمة الطيبة
والمنطق السليم والحكمة المستندة الى النظرة الصائبة للأمور .
ولقد أثبت العمانيون خلال الحقبة المنصرمة أنهم يتمتعون بمستوى جيد من
الوعي والثقافة والإدراك والفهم في تعاملهم مع مختلف الآراء والحوارات
والنقاشات التي تنشد مصلحة هذا البلد ومصلحة أبنائه الاوفياء. واننا لعلى
يقين من أن هذا الوعي سيزداد وان هذه الثقافة سوف تنمو وتترسخ من خلال
الدور الذي تقومون به أنتم أعضاء مجلس عمان في مجال تبادل الرأي وتداول
الافكار وبفضل النهج الحكيم الذي تجلى والذي سوف يستمر بإذن الله في
تناولكم لمختلف القضايا بالدرس والتدقيق ولكل الآراء بالتمحيص والتحقيق .
ونحن نأمل أن تشهد قاعات هذا الصرح الكبير الذي افتتحناه باسم الله وعلى
بركته طرحا بناء للأمور ومعالجة حكيمة لها تظهر من خلالهما لكل من يراقب
هذه التجربة في الداخل أو الخارج قدرة العمانيين الواضحة على المشاركة
بالفكر المستنير والرأي الناضج في صنع القرارات التي تخدم وطنهم وترقى به
وتحقق له مكانة بارزة ومنزلة سامية بين الدول وليس هذا بعزيز على أبناء أمة
يشهد لها ماضيها العريق ويدفعها حاضرها الزاهر الى التطلع نحو آفاق واسعة
من التقدم والتطور.
أعضاء مجلس عمان الكرام..
أيها المواطنون الأعزاء..
إنكم تعلمون ما كانت عمان بحاجة إليه قبل بزوغ فجر النهضة المباركة خاصة
فيما يتعلق بالتنمية في شتى المجالات. وتتفهمون أنه كان لابد في سبيل
تحقيق التنمية البشرية والاجتماعية في كل مناطق السلطنة المترامية الاطراف
من إنشاء بنية أساسية قوية ترتكز عليها خطط التنمية وبرامجها خاصة في
مجالات التعليم والصحة والتدريب والتأهيل وإيجاد فرص العمل المتنوعة. فبدون
هذه البنية الاساسية لم يكن بالإمكان ان تصل التنمية البشرية والاجتماعية
الى التجمعات السكانية في المدن والقرى والسهول والجبال وفي بطون الاودية
وفيافي الصحاري الواسعة .
وقد تمكنت خطط التنمية السابقة بحمد الله مع اتساع أرجاء عمان وصعوبة
تضاريسها الجغرافية من إنجاز الكثير في هذا المضمار الأمر الذي غير وجه
الحياة في هذا الوطن وسهل تنفيذ برامج التنمية الاجتماعية والبشرية وتوصيل
الخدمات بشتى صنوفها وانواعها الى المواطنين حيثما كانوا واينما حلوا وكما
تعلمون فان الحاجة الى البنية الاساسية لن تتوقف ابدا لأنها عملية مستمرة
يحتمها التوسع العمراني ويقتضيها التطور الاجتماعي والاقتصادي وتؤكدها حاجة
الانسان الى التواصل والسعي من اجل حياة افضل وعيش اسعد.
لذلك فهي تحظى بالعناية دائما في كل مراحل التطوير والبناء دون استثناء وإن
كانت تكتسب أهمية قصوى وتحظى بأولوية أكبر في بعض هذه المراحل لظروف خاصة
واعتبارات معينة تقتضي إيلاءها هذه الأولوية ومن هنا فإن ما يثار أحيانا من
حديث يراه البعض مبررا حول الاتجاه الذي اتخذته خطط التنمية السابقة في
عمان من تركيز على البنية التحتية والاساسية أكثر من التنمية الإنسانية أو
الاجتماعية يغفل في الواقع حقائق الاشياء ويتجاهل الاوضاع التي كانت قائمة
والأولويات التي استدعتها هذه
الأوضاع. كما يتناسى هذا الحديث ما صاحب هذا الاهتمام بالبنية الأساسية
ومنذ البداية من اهتمام مماثل بالتعليم والصحة والتجارة والصناعة والزراعة
والمال والاقتصاد وكلها مجالات ترمي الدولة من وراء رعايتها وتطويرها الى
توفير سبل الحياة الكريمة للإنسان الذي هو ـ كما أكدنا دائما ـ هدف التنمية
الشاملة وأداتها العاملة الفاعلة.
وكما أشرنا في خطابنا العام المنصرم وحيث أن البنية الأساسية الضرورية تكاد
تكتمل فقد وجهنا الحكومة إلى التركيز في خططها المستقبلية على التنمية
الاجتماعية خاصة في جوانبها المتعلقة بمعيشة المواطن وذلك بإتاحة المزيد من
فرص العمل وبرامج التدريب والتأهيل ورفع الكفاءة الإنتاجية والتطوير
العلمي والثقافي والمعرفي ..
ونحن نتابع بدقة ما يتم اتخاذه من خطوات وسوف يكون هذا الامر محل اهتمام
المجلس الأعلى للتخطيط الذي يهدف إلى وضع خطط تنموية مدروسة ترعى أولويات
كل مرحلة وتوازن بين مختلف أنواع التنمية بما يؤدي إلى بلوغ الغاية
المنشودة بإذن الله.
وإنه مما يدعو الى الرضا أن عمان تسير ولله الحمد بخطى متزنة في الاتجاه
الذي نعتبره هو الصحيح وندعو الله العلي القدير أن يوفقنا الى مزيد من
النجاح من أجل عمان وأبنائها البررة المخلصين .
أعضاء مجلس عمان الكرام ..
أيها المواطنون الأعزاء ..
القطاع الخاص هو إحدى الركائز الاساسية في التنمية سواء بمفهومها
الاقتصادي الذي يتمثل في تطوير التجارة والصناعة والزراعة والسياحة والمال
والاقتصاد بشكل عام أو بمفهومها الاجتماعي الذي يتجلى في تنمية الموارد
البشرية وتدريبها وتأهيلها وصقل مهاراتها العلمية والعملية وإيجاد فرص عمل
متجددة وتقديم حوافز تشجع الالتحاق بالعمل في هذا القطاع .. ومن غير
المقبول أن يكون هناك انطباع لدى بعض المواطنين بأن القطاع الخاص يعتمد على
ما تقدمه الدولة وأنه لا يسهم بدور فاعل في خدمة المجتمع ودعم مؤسساته
وبرامجه الاجتماعية وأنه لا يهدف إلا الى الربح فقط ولا يحاول أن يرقى الى
مستوى من العمل الجاد يخدم به مجتمعه وبيئته ووطنه .
إن مثل هذا الانطباع لن يضر بمستقبل القطاع الخاص فحسب بل إن أثره السلبي
سوف يمتد إلى خطط التنمية في البلاد لاسيما خطط تنويع مصادر الدخل لذلك فإن
القطاع الخاص مطالب بالعمل على إزالة هذا الانطباع من الأذهان واتخاذ
خطوات عملية مدروسة وناجعة في هذا الشأن بزيادة إسهاماته في التنمية
الاجتماعية ومشاركة الحكومة بهمة وعزم في تنفيذ سياساتها في هذا المجال
والعمل يدا بيد مع مؤسسات المجتمع المدني التي تنشط في ميدان الخدمات
الاجتماعية والإنسانية فذلك كله حقيق بأن يعزز من ثقة المواطنين وتقديرهم
لدوره وأن يحفز الشباب العماني على العمل فيه والثبات في وظائفه وأن يغرس
بذرة الانتماء الى مؤسساته في نفوسهم الأمر الذي سوف ينعكس إيجابا على
أدائهم الوظيفي والتزامهم بواجباتهم وإخلاصهم لعملهم وبالتالي ارتفاع مستوى
انتاجيتهم وبذلهم وعطائهم وبذلك يكون القطاع الخاص رديفا حقيقيا لعمليات
التشغيل ولخطط التنمية التي تعدها الجهات الحكومية والتي يستفيد منها هذا
القطاع وتعتبر بصورة أو بأخرى دافعا قويا له من أجل تطوير أعماله وتعزيز
قدراته وتعظيم إمكاناته في مجالات المنافسة المحلية والإقليمية والدولية.
وهناك كلمة نود توجيهها للشباب العماني بهذه المناسبة وهي أن العمل بقدر ما
هو حق فهو واجب وأن على كل من أتم تعليمه وتأهيله الانخراط في أي عمل مفيد
يحقق فيه ذاته ويسعى من خلاله إلى بلوغ ما يطمح إليه وعدم الانتظار للحصول
على عمل حكومي . فالدولة بأجهزتها المدنية والأمنية والعسكرية ليس
بمقدورها ان تظل المصدر الرئيسي للتشغيل . فتلك طاقة لا تملكها ومهمة لن
تقوى على الاستمرار فيها الى مالا نهاية وعلى المواطنين أن يدركوا أن
القطاع الخاص هو المجال الحقيقي للتوظيف على المدى البعيد .. ومن ثم فلا
ينبغي أن يترددوا في الالتحاق به ولا أن يهجروا العمل فيه وفي مقابل ذلك
فإن الامر يتطلب بصفة خاصة تعديل نظام الاجور في هذا القطاع لاسيما في
المستويات الدنيا والمتوسطة من وظائفه واعتبار ذلك مهمة وطنية وفاء لهذا
البلد الذي احتضنه وخدمة للمواطنين الذين وثقوا فيه وأعطوه من جهدهم وفكرهم
الكثير .
أعضاء مجلس عمان الكرام ..
أيها المواطنون الاعزاء ..
لا يخفى أن التعليم أساس التنمية ففي مراحله المتعددة ومن خلال مناهجه
المتنوعة تعد القوى العاملة الوطنية اللازمة لإدارة عجلة التنمية وتنفيذ
برامجها في شتى الميادين لذلك كان لابد لنجاح خطط التنمية وبرامجها
التنفيذية على النحو المبتغى والمستوى المطلوب من ضمان جودة مخرجات التعليم
والنهوض بمختلف أنواعه ومراحله وفقا للسياسة العامة للدولة وبما يؤدي الى
بلوغ الأهداف التي نسعى جميعا الى تحقيقها .
وخلال الفترة المنصرمة طبقت في عمان أنظمة ومناهج تعليمية متنوعة وبرامج
تدريبية وتأهيلية متعددة إلا أن الأمر يتطلب إيلاء عناية أكبر للربط بين
مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل. لذلك فانه من أولويات المرحلة التي نمر
بها والمرحلة القادمة التي نستشرفها مراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه
وتطويرها بما يواكب المتغيرات التي يشهدها الوطن والمتطلبات التي يفرضها
التقدم العلمي والتطور الحضاري وصولا الى بناء جيل مسلح بالوعي والمعرفة
والقدرات المطلوبة للعمل المفيد.. وما إنشاء مجلس التعليم إلا للنهوض بهذا
القطاع لذلك يجب على سائر الجهات المشرفة على التعليم بمختلف أنواعه
ومستوياته أن تتعاون مع هذا المجلس بكل فاعلية وجدية ومثابرة ولا يفوتنا في
هذا المقام أن ندعو مجلس عمان الى تقديم رؤاه وأفكاره في هذا الشأن الى
مجلس التعليم ونحن على ثقة بأن الجهود المشتركة سوف تؤدي الى النتيجة
المرجوة بمشيئة الله .
أعضاء مجلس عمان الكرام ..
أيها المواطنون الاعزاء ..
إن سياستنا الداخلية كما عهدتموها دائما قائمة على العمل البناء لما
فيه الصالح العام مواكبين تطورات العصر مع المحافظة على هويتنا وثوابتنا
وقيمنا التي نعتز بها. أما سياستنا الخارجية فأساسها الدعوة الى السلام
والوئام والتعاون الوثيق بين سائر الامم والالتزام بمبادىء الحق والعدل
والإنصاف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وفض المنازعات بالطرق
السلمية وبما يحفظ للبشرية جمعاء أمنها واستقرارها ورخاءها وازدهارها .
وفي ختام هذه الكلمة نود أن نوجه تحية تقدير وإعزاز الى كل العاملين من أجل عمان ورقيها في جميع القطاعات المدنية والعسكرية
والأمنية .
« ربنا هب لنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من أمرنا رشدا ».
وفقنا الله وإياكم وكل عام وأنتم بخير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
وحضر الانعقاد السنوي لمجلس عمان أصحاب السمو ورئيسا مجلسي الدولة
والشورى وأصحاب المعالي الوزراء والمستشارون وقادة قوات السلطان المسلحة
وشرطة عمان السلطانية والمكرمون أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء
مجلس الشورى وأصحاب السعادة رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدون لدى
السلطنة وأصحاب السعادة المحافظون وأصحاب الفضيلة أعضاء السلطة القضائية
وعدد من شيوخ وأعيان البلاد وعدد من رؤساء وأعضاء اللجان الوطنية والجمعيات
المهنية بالسلطنة ورؤساء تحرير وكالة الأنباء العمانية والصحف المحلية
وممثلي وسائل الإعلام في الدول الشقيقة والصديقة